((قصّة هامّة من بيت النبوّة ، مليئة بالفوائد))
هذه القصّة المليئة بالفوائد الهامّة ، حصلت في بيت النبوّة الطاهرة وذلك بعد إغضاب أمّهات المؤمنين رضوان الله عليهنّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإعتزاله لهنّ لمدة شهر ، ثم تخييره لهنّ بقوله تعالى :{{ يَا أَيُّهَا النَّبِيّ ُقُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا }}..
وكان إختيارهنّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم والدار الآخرة يدل على قوّة إيمانهنّ ، ومحبتهنّ الكبيرة لهذا << الزوج العظيم والكامل >>!! تاركين طيّبات الحياة الدنيا وزينتها وراء ظهورهنّ ،، حيث كان يمر عليهنّ عدة أشهر وليس عندهنّ ما يعيشون عليه سوى "التمر والماء" فقط !! ورغم ذلك فكن ّراضيات وسعيدات بجوار سيّد المرسلين عليه الصلاة والسلام..
*** روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عبّاس قال : قال عمر بن الخطاب : (( والله إنّ كنّا في الجاهلية ما نعدّ للنساء أمرا حتى أنزل الله تعالى فيهنّ ما أنزل.. وقسّم لهنّ ما قسّم..
<><> قال: فبينما أنا في أمر أأتمره ، إذ قالت لي إمرأتي(( لو صنعت كذا وكذا )))!
===> فقلت لها: ((وما لك أنت ولما ههنا ؟ وما تكلفـّك في أمر أريده)) ؟!!
==> فقالت لي: ((( عجبا لك يا إبن الخطّاب ! ما تريد أن تراجع أنت!! وإن إبنتك (أي أم المؤمنين حفصة) لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى يظلّ يومه غضبان!!)))..
===> قال عمر: فآخذ ردائي ثم أخرج مكاني حتى أدخل على حفصة .
===> فقلت لها: (( يا بنيّة ! إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظلّ يومه غضبان )) ؟؟!.
==> فقالت حفصة: ((( والله ! إنا لنراجعه )))..
===> فقلت: (( تعلمين أني أحذّرك عقوبة الله ، وغضب رسوله..
يا بنيّة ! لا يغرّنـّك هذه التي قد أعجبها حسنها (أي أم المؤمنين عائشة)، وحبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها ))!!.
(وفي رواية اخرى) ==> فقلت: (( أتهجره إحداكنّ اليوم إلى الليل)) ؟ قالت:((نعم)).
===> قلت: (( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسر،، أفتأمن إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم؟؟ فإذا هي قد هلكت .. لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تسأليه شيئا،، وسليني ما بدا لك ))..
<><> ( قال عمر) : ثم خرجت حتى أدخل على ( أم المؤمنين) "أم سلمة" لقرابتي منها،، فكلّمتها ( أي بمثل كلامي لحفصة)..
==> فقالت لي أم سلمة : ((( عجبا لك يا إبن الخطّاب ! قد دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه )))!!
===> قال : فأخذتني أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد ،، فخرجت من عندها..
وكان لي جار من الأنصار.. فكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،، فينزل يوما وأنزل يوما.. فيأتيني بخبر الوحي وغيره .. وآتيه بمثل ذلك ..
وكنا نتحدث ؛ أن (قبيلة) غسّان تنعل الخيل (أي يجعلون لخيولهم نضوات في حوافرها) لتغزونا.. فنزل صاحبي (أي جاره) ثم أتاني عشاء فضرب بابي ، ثم ناداني،، فخرجت إليه.
==> فقال: (((حدث أمر عظيم)))!!.
===> قلت: (( ماذا ؟؟؟ أجاءت غسّان ))؟؟!
==> قال: ((( لا.. بل أعظم من ذلك وأطول.. طلّق النبي صلى الله عليه وسلمنساءه))).
فقلت: قد خابت "حفصة" وخسرت.. قد (كنت) أظنّ هذا كائنا..
<><> حتى إذا صليت الصبح شددت عليّ ثيابي، ثم نزلت فدخلت على "حفصة" وهي تبكي..
===> فقلت: ((أطلقكنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم)) ؟
==> فقالت: ((( لا أدري.. ها هو ذا معتزل في هذه المشربّة (أي الغرفة) )))..
<><> فأتيت غلاما له (أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم) أسود، (وهو رباح )..
===> فقلت: ((استأذن لعمر))..
فدخل ثم خرج إليّ فقال : ((( قد ذكرتك له << فصمت>> )))..
<><> فانطلقت حتى انتهيت إلى "المنبر" فجلست.. فإذا عنده ( اي المنبر) رهط جلوس يبكي بعضهم.. فجلست قليلا ثم غلبني ما أجد ..
<><> ثم اتيت الغلام فقلت: ((إستأذن لعمر)).
<><> فدخل (على رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثم خرج إليّ فقال: ((( قد ذكرتك له << فصمت>> )))..
<><> فولّيت مدبرا.. فإذا الغلام يدعوني.. ==> فقال: ((( ادخل،، فقد أذن لك ))).
<><> فدخلت ، فسلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم.. فإذا هو متكيء على رمل حصير. قدأ في جنبه (أي قد أثـّر في جنبه).
===> فقلت: ((أطلّقت يا رسول الله نساءك))؟؟؟
*** فرفع رأسه إليّ وقال [[ لا ]] .
===> فقلت: ((الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسول الله ، وكنـّا معشر قريش، قوما نغلب النساء.. فلمّا قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم.. فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم.. فتغضّبت على إمرأتي يوما ،، فإذا هي تراجعني.. فأنكرت أن تراجعني)).
===> فقالت: ((( ما تنكر أن أراجعك ؟ فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه ، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى الليل ))).
===> فقلت: (( قد خاب من فعل ذلك منهنّ وخسر ،، أفتأمن إحداهنّ أن يغضب الله عليها ، لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم ؟! فإذا هي قد هلكت))..
*** [[ فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلمٍٍ ]].
===> فقلت: يا رسول الله ! قد دخلت على حفصة (أي إبنته) فقلت: ((لا يغرّنك ان كانت جارتك هي أوسم منك وأحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك))..
*** [[ فتبسّم أخرى ]]..
===> فقلت(أستأنس يا رسول الله؟؟(وهو الإستئذان في الأنس والمحادثة معه) ))
*** قال [[ نعم ]]..
فجلست.. فرفعت رأسي في البيت.. فوالله ما رأيت فيه شيئا يردّ البصر، إلاّ أهبا ثلاثة. ===> فقلت: ((ادع الله يا رسول الله ! أن يوسّع على أمتك ،، فقد وسّع على فارس والروم،، وهم لا يعبدون الله))..
*** فإستوى جالسا ثم قال [[ أفي شكّ أنت يا إبن الخطّاب ؟!! أولئك قوم عجّلت لهم طيّباتهم في الحياة الدنيا ]]..
===> فقلت: ((استغفر لي يا رسول الله)) !!
<><> وكان (عليه الصلاة والسلام) أقسم أن لا يدخل عليهنّ (أي على زوجاته) شهرا من شدّة "موجدته" (أي غضبه) عليهنّ حتى عاتبه الله عزّ وجلّ..
*** قال الزهري: أخبرني عروة ( إبن الزبير ، وهو إبن أخت عائشة رضوان الله عليهم أجمعين) عن عائشة قالت: (( لما مضى تسع وعشرون ليلة ( من إعتزال النبيّ صلى الله عليه وسلم لنسائه)، دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم(حيث) بدأ بيّ.. ===> فقلت: (( يا رسول الله ! إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا ، وإنك دخلت من تسع وعشرين ( ليلة، وإني كنت) أعدهنّ )) !!!
*** فقال: [[ إنّ الشهر تسع وعشرون (يوما) ]]..
*** ثم قال: يا عائشة !! [[ إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك ]].. ثم قرأ عليّ (هذه) الآية : {{ يَا أَيُّهَا النَّبِيّ ُقُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا }}. الأحزاب .
===> قالت عائشة : << قد علم (رسول الله صلى الله عليه وسلم) والله أنّ أبويّ لم يكونا ليأمراني بفراقه >>..
===> فقلت: ((أو في هذا أستأمر أبويّ ؟؟؟ فإني أريد الله ورسوله، والدار الآخرة)).
<><> (ثم قالت له) : (( لا تخبر نساءك أني اخترتك ، (أي أنها كانت لا ترغب بأن يقلّدنها ضرائرها بمثل قولتها الحكيمة التي قالتها له ، وهي إختارها لرسول الله صلى الله عليه وسلم والدار الآخرة ..
*** فقال لها النبيّ صلى الله عليه وسلم:[[ إن الله أرسلني مبلّغا،، ولم يرسلني متعنّتا]] صحيح مسلم .
*** وفي رواية أخرى لمسلم أنّ عائشة قالت : (( أسألك أن لا تخبر إمرأة من نسائك بالذي قلت ))..
*** قال: [[ لا تسألني إمرأة منهنّ إلاّ أخبرتها ]] (أي سيخبرهنّ بما قالت عائشة ليتعلّمن منها حتى لا يقعنّ في خطأ نتيجة لتسرّعهن في إتخاذ مثل هذا القرار الخطير)، [[ إن الله لم يبعثني "معنّتا" ]] (أي مشدّدا على الناس وملزما إياهم ما يصعب عليهم،، وأصل العنت هو المشقـّة)، [[ ولا "متعنـّتا"]] (أي ولا طالبا زلاّتهم)،، [[ ولكن بعثني معلّما ميسّرا ]]..
###############################
سبحان الله !! ما أجمل أخلاق سيّد ولد آدم !!! وسيّد الأنبياء والمرسلين صلى الله وسلم عليه وعليهم أجمعين!!! وما أجمل صبره وأسلوبه في التعامل مع زوجاته ومع أصحابه، ومع جميع الناس الذين إلتقاهم !!!