2009-11الزواج النوبى (الحلقة الأولي) -12 04:29:10
نموذج من ارقين - عرس منيرة
هذه الرواية مستوحاة من المجتمع النوبى فى ارقين وأشخاصها حقيقيون...
عندما تتهادى الشمس نحو الغروب وترمى بأشعتها الذهبية المتهالكة على باسقات النخيل تتسرب أشعتها الذهبية بينها فترسم ظلالها لوحة رائعة على المروج الخضراء على الجروف والنيل , والأصيل هو أجمل أوقات أهل ارقين وفيه يتدفق الجميع نحو شاطئ النيل . المسنون يجلسون فى جماعات على الرمال البيضاء يتسامرون بأخبار السودان ومصر وربما يحضر احدهم ( عبد الرحمن محمود )جريدة الأهرام أو أخبار اليوم المصرية يقرأها الشيخ مدني لضعف بصر الشيخ عبد الرحمن, النساء منشغلات فى جمع الخضار لوجبة العشاء والقش للحيوانات المنزلية , الفتيات ينشطن فى نقل مياه الشرب من النيل إلى المنازل فى جماعات يتغنين بأعذب الألحان . الأطفال يسبحون عرايا بعيدا عن أعين الكبار , الشباب يتسكعون هنا وهناك لمساعدة كبار السن وخصوصا النساء فى حمل ما جمعن إلى أعلى القيف ومساعدة الفتيات على طلوع القيف وهن يحملن صفائح الماء على رؤوسهن.
يقترب مركب الريس محمد أبكر من مشرع (شبكي ) ويسرع الشباب كعادتهم إلى المشرع لمساعدة المسنين من الخروج من المركب بالسقالة العالية وحمل أمتعتهم إلى أعلى القيف , يدور حديث قصير بين الأصدقاء.
(سليم ) داك ما خليل مشيرا إلى المركب (وكان خليل هذا لم يكمل تعليمه الثانوي وتوظف فى مصلحة السكة حديد فى عطبره ) (عبد الله ): ما اظن خليل البجيبو شنو الوقت ما وكت اجازات .
( كمال ): ياهو ذاته خليل ولكن اثار النعمة ظاهره فيهو .
بعد السلام بالاحضان
(خليل): قصدت ان تكون عودتى فجائيه حتى اهلى ما عارفين .
(محمود): كلامه صحى ديك امه طلعت ماشه بيتهم.
فى الطريق من المشرع الى البيت حمل أصدقائه أمتعته الخفيفة بينما حمل الريس محي الدين نورى وفتحي بسطان الشنط الثقيلة , وفجأة وكعادته سأله كمال بعفويته "عفشك كثير كده ليه عاوز تعرس ولا شنو يا خليل", السؤال كان مفاجئ وغير متوقع تلعثم خليل قليلا وقال فى اقتضاب ( إنشاء الله) هذه الإجابة القصير انتشرت فى القرية ووصلت أسرته قبل وصولنا إلى منزله.
إستقبلت القرية خليل بالفرحة والزغاريد وتدافع كل رجال ونساء القرية للتهنئة بالعرس وبسلامة العودة , تناول الجميل الشربات والحلاوة والفول السوداني الذي جاء بخليل من (السودان) بعد منتصف الليل وقد تسرب الجميع إلى بيوتهم .
قال سليم وهو اكبر أصحابه سناً:" يلا يا جماعه اليوم ده خلوهو لأهله نجيهو بكره بدرى"
جلست الأسرة إليه فى حوش البيت السماوى يتسامرون عن اخباره فى الغربه ، ودار نقاش حول مستقبل الأسرة وفجأة ودون مقدمات قالت أخته الكبرى.
(سميحه): إنشاء الله الخبر السمعناه ده صحي وجايى للعرس .
(خليل ) إنشاء الله لقيت العروس المناسبة .
زغردت الأم ودخل عليهم الأب:" فى شنو انا قاعد براى بره وانتو قاعدين حول خليل وتزغرتو دخلوا لى عنقريبى هنا جنب ولدى خليل"
(الام ):خليل خلاص داير يعرس يا ابوخليل: ماشاء الله ماشاء الله الله يقسم ليه بت الحلال , لكن ما قال داير يعرس منو.
(سميحه): لسه ما حدد ونحن بنشوف ليه العروسه المناسبه
(الام ):كده ياولدى بردت لى قلبى انشاء الله اشيل ليك اولادك
دار الحديث حول عدد من الفتيات (سميحه) : انسب واحده سعاد صحبتى جميله ومؤدبه وخدامة وما فيها أى عيب.
(ساميه): الأخت الصغرى سعاد فعلا سمحة ومؤدبه لكن معقول أخوى المتعلم الموظف نعرس ليه واحدة أميه وإضافة خليل ما بعرس إلا واحده فى مستو اهو وما فى إلا منيرة بت خيري.
(الام) : ياريت تقبل منيرة.
(كانت منيرة من بنات القرية المميزات وتتمتع بشخصيه قويه وفائقة الجمال وعلى قسط معقول من التعليم والثقافة العامه) (سميحه): منيره متكبرة وشايفه نفسها ورفضت عشرات الشباب , وكمان ابوها عندو مشاكل مع ابوى فى اراضى الساقيه.
(ساميه): منو فيهم زى خليل ويمكن كمان النسب ده يحل المشاكل ديك, الموضوع ده خلوه لى منيرة صاحبتى وانا بحاول معاها.
اوت سامية الى فراشها وظلت يقظة حتى آخر الليل تفكر فى كيفية التعامل مع منيرة وإقناعها, فى الصباح الباكر توجهت إلى حيث تجد منيرة وهى تعرف مواعيد ذهابها للنيل لجلب الماء لمنزلها , وجدتها بين عدد من زميلاتها وهن عائدات إلى المنازل همست فى أذنها بأنها ماشة معاها البيت وعازمه نفسها فطور معاها فى منزلها.
سارتا معا ... لامت ساميه منيره ليه ما جيتى باركتى لينا عودة اخوىخليل.
(منيرة) : امى ما جاتكم وانا كنت جاياكى العصر ومبروك وحمدا على سلامته ,هو خليل ما حيجى يسلم على جدى كل البيجو الإجازات بيمرو على البيوت ويسلمو على العجايز.
(ساميه) : هو جا متين ما امبارح بس حيمر على كل اهل القريه مش العجايز وبس وبحركة ذات معنى اضافت خليل داير يشوف ويتعرف كل بنات القريه.
يبدوا ان منيرة ادركت بذكائها ما ترمى اليه ساميه "فاضافت صحى جايى يعرس؟"
(ساميه) : بشئ من الذكاء والله لسه ما معروف
فبان على وجه منيرة شئ من خيبة الأمل فأدركت سامية أن منيرة تفكر فى خليل
فى البيت رحبت أم منيرة بسامية’
ودعتها لتناول الفطور مع منيره فردت الاخيرة انا مخصوص جايه افطر معاها شعرت الام ان فى الامر شئ
بعد الفطور قالت (الام) : صحى خليل جايي للعرس زي ما سمعنا
التفتت ساميه نحو منيرة وقالت إنشاء الله لكن وين نلقى العروس المناسبة
(الام): خليل مالو زيه مافى وكل بنات القريه دايراتنو وباسلوب ايحائى اضافت ولا شنو يا منيرة برقت عينا منيرة للحظات واخفت وجهها بين ايديها واسرعت الى حجرتها
(ساميه): والله يا خالتى انا جايه مخصوص عشان اعرف راى منيرة ولكنى خايفه على اخوى خليل عشان منيره كل مرة توافق ثم ترقض
(الام): صحى منيره كل مره توافق بلسانها ثم ترفض لكن هسه هى وافقت بعيونها ودقات قلبها واخفاء وجهها دليل على موافقتها
(ساميه ): انا دايرة اسمع منها عشان اطمئن واطمئن اخوى .
(الام ):هى ما صاحبتك ادخلى ليها وتكلمى معاها وانا امها ومتاكده من موافقتها ,دخلت ساميه وتحدثت كثيرا معها حول رفضها الجميع وطلبت منها ان تكون واضحه وشجاعه فى قرارها
فاجهشت بالبكاء فاسرعت اليها أمها تحتضنها
(الام): مالك كان ما دايراه ما فى ذول يغصبك عليه
(منيره) : خلاص يا امى خليل شاب محترم وكمان اخو صاحبتى
(الام ): خلاص يا سامية انتى امشى مطمئنة ولان ما تكلمى اى ذول حتى امك لغاية ما نكلم أبوها ونأخد موافقته وهو أصله ما يرفض لمنيرة طلب وموافقتها هي موافقته.
عادت سامية إلى بيتها والسعادة تبدوا فى عينيا فسألتها أمها إنشاء الله خير
لم تستطع سامية حفظ السر لسعادتها وأخبرت أمها بكل ما حدث فرحت الأم إلا إنها ظلت متوجسة تجاه موافقة والدها بسبب المشاكل التى بينه وبين والد خليل حول أراضي الساقية .
إلا أنها لم تخبر احد خشية إفساد جو الفرحة الذي أحاط بالبيت و فى صباح اليوم التالي جاءت أم منيرة وعلى وجهها بشائر الفرحة
واحتضنت أم خليل ودخلت بها إلى الحجرة وأغلقت الباب ورائها ودار بينهن حديث قصير يبدوا أنها أرادت أن تتأكد من موافقة والد خليل لان بين الأسرتين مشاكل وقضايا حول أراضى الساقية, يبدوا أنها اطمأنت فكانت الزغروته العالية التي دوت من الحجرة تبعتها زغاريد شقيقات العريس, الأب كان كعادته مستلقي على العنقريب تحت شجرة اللبخة الكبيرة أمام البيت وهب واقفا , الحاصل شنو ما تور ونى أسرعت إليه ابنته سامية , ياابوى ناس عم(خيرى) والد منيره خلاص وافقو همهم الاب فى صوت منخفض وهو يعود الى ظل شجرته خير إنشاء الله تكون المصاهرة دى نهاية المشاكل .
أما سامية فقد أسرعت إلى الشاطئ لتخير شقيقها خليل بموافقة العروسة,بين ظلال النخيل كان خليل مع أقرانه فرحا يتسامر, اقتربت الأخت وهى تصيح بصوت منخفض خلاص يا خليل مبروك منيرة وافقت فانتابه شعور داخلى بالقلق وعدم الاطمئنان لان منيرة وافقت لمرات عديدة لعدد من الشباب ثم تراجعت .